صديقة طبيبة من اصدقائي إعتز برأيها المتنور المتفتح قالت تعليقاً على إحدى مقالاتي القصيرة إن الشعب المصري متمسك بالمادة التانية من الدستور لأنها بالنسبة لناس كتير تعبر عن إحساس بالهوية الإسلامية.
كلامها عن الهوية كلام جميل جداً جداً، و برضه ده رأيي من زمان. الإنسان في حاجة للانتماء، و يمكن ده اللي هي قصدته لما قالت الهوية، لأن الهوية المجتمعية هي تعريف شخصية المجتمع، و المجتمع المصري ذو هوية إسلامية بطبيعة الحال، و أغلب المواطنين مسلمين و في تاريخ إسلامي لمصر عمره ١٤ قرن من الزمن، يعني مش سنة و لا عشرة و لا حتى مية...!
الهوية الإسلامية للمجتمع المصري ليس لها أي علاقة بالدستور، و انما هي معتقدات و تقاليد و عادات المصريين و طريقة كلامهم و لبسهم و أعيادهم و كل ده.
الهوية الإسلامية لمصر يكاد يكون من المستحيل الغائها أو حتى هزها بأي شكل. كام واحد مسيحي لما تتكلم معه يقول لك "و النبي يا عم بلاش الموضوع ده و خلينا نركز في المهم"؟ مسيحي و بيحلفك بالنبي...! و الأجدع من ده كله لما تلاقي واحد يتشملل كده و يقول لك في عز غضبه "عليا الطلاق بالتلاتة ما أنا عامل كذا و كذا...!" اتكلم على قدك يا قمور... :-)
كام واحد مسيحي بينزل يشتري حلاوة المولد و يشتري كنافة و قطايف في رمضان و يعزم أصحابه على الفطار في رمضان (مش بتكلم عن عزايم الكنايس، بتكلم عن عزايم الناس لبعضها)؟ كام واحدة مسيحية في الأرياف بتغطي راسها زيها زي المحجبات في كل مكان في مصر (و إن كان الشكل عموماً يختلف قليلاً)؟ في الثلاثينات و الأربعينات و ما قبلها، هل كنت تقدر تفرق في طريقة اللبس بين المسيحية و المسلمة؟ مستحيل...!
هل فيه مصري سواء مسلم أو مسيحي ممكن تسب قصاده الدين و ياخدها بهزار و يضحك؟ هل في مصري من عامة الشعب مسلم أو مسيحي ممكن تقول قدامه صراحة كده انك كافر بالله و يصاحبك و يلعب معاك و كده؟ ده قليل إن ما تف في وشك...! دي تقاليد إسلامية، و ما حدش يقول لي التقليد المسيحية إيه علشان ده مش مكانه، بس يكفي إن أقول لك المسيحية أكثر تسامحاً بكتير عن الإسلام فيما يتعلق بسب الدين و إنكار وجود الله (و مش معنى كده إن المسيحية بتشجع على سب الدين أو إنكار وجود الله الواحد علشان فيه ناس مخها بلاستيك)
المسيحي في مصر بيخرج يتفسح و يهيص في أعياد المسلمين زيه زيهم بالظبط، و بيتصل بيهم يهنيهم في أعيادهم، و بتلاقيه واخد باله من ميعاد العيد الكبير و الصغير و مولد النبي و راس السنة الهجرية و كل ده. المسيحي حافظ آيات من القرآن ممكن تلاقي بعض المسلمين ما يعرفوهاش. المسيحي ممكن تلاقيه يفهم في أحكام الشريعة الإسلامية أكتر من بعض المسلمين.
روح أي قرية في مصر، مش حا أقول لك مدينة... روح أي قرية و شوف فيها مسجد أو زاوية و لا ما فيهاش... طبعاً أكيد حا يكون فيها.
اتفرج على الأفلام المصرية من يوم ما السينما إتوجدت في مصر و إنت تعرف إن مصر هويتها إسلامية. شوف أسماء الناس و إنت تعرف إن فيه مسيحيين كتير اسمائهم إسلامية أو عربية زي طارق و أسامة و غيرها. إنزل أحياء القاهرة القديمة و شوف العمارة و اسلوبها و إنت تلاقيها إسلامية. إنزل يوم الجمعة، أي يوم جمعة، ساعة الصلاة و إنت تلاقي المساجد مليانة مسلمين بيصلوا.
لما ييجي بعد كل ده واحد يقول لك المادة التانية في الدستور هي مسمار النص اللي مربوط فيه الهوية الإسلامية يبقى مش فاهم أو بيهرج...!
فيه ناس كتير فاكرة إن المادة التانية هي الهوية الإسلامية علشان الناس دي ما عندهاش حاجة تانية تنتمي ليها. الانتماء هو المشكلة، و ليس تحديد الهوية. الناس في حرب ١٩٧٣ لا كنت بتقول مسلم و لا مسيحي و لا كنت واخدة بالها أساساً من إن فيه مادة تانية في الدستور بتقول إن الإسلام هو دين الدولة و لا أي كلام من ده. ليه؟ علشان كان فيه إحساس عام بالانتماء في مصر و لمصر. كل المواطنين كانوا مصريين بغض النظر عن دينهم. ما حدش اتخانق على المادة التانية علشان ما حدش حس انها مشكلة.
و لما ضاع أو اتسرق مننا الانتماء، كل واحد راح دور له على حاجة ينتمي ليها. فيه ناس انتمت للأهلي أو (مش عارف ليه) للزمالك، و فيه ناس انتمت للدين، و فيه ناس انتمت لموضة "الكول" الغربية و فيه ناس انتمت بشكل شبه كلي للهوية الغربية، و اللخبطة بقت لا تعد و لا تحصى
لكن لما يرجع لينا الانتماء لبلدنا و نحس إن البلد بتاعتنا، حالنا ممكن يختلف كتير. لما نفهم إن المادة التانية مش هي الهوية الإسلامية للمجتمع المصري رأينا و نظرتنا ليها حا يختلفوا كتير. الإسلام حا يفضل موجود في مصر حتى لو شلنا المادة التانية، و الأزهر حا يفضل موجود في مصر حتى لو شلنا المادة التانية، و أغلب مواطني مصر حا يفضلوا يدينوا بالإسلام حتى لو شلنا المادة التانية. و بعدين ما آدي الدستور معطل و المادة التانية مش موجودة...! الإسلام في مصر حصل له إيه؟ و لا حاجة بتاتاً...! الهوية الإسلامية ضاعت مننا مثلاً؟ لأ، موجودة و زي الفل...!
طيب لما هو الموضوع كده، أنا معترض ليه على المادة التانية من الدستور؟ أحب أوضح إن إعتراضي على المبدأ و ليس على بقاء المادة التانية في الدستور، و ده واضح في المقال ده:
المادة التانية في الدستور الجاي (و احنا لسه ما نعرفش نتيجة الإستفتاء)
و الاعتراض على المبدأ ده مكانه إن شاء الله في مقال تاني علشان صوابعي بتنمل من كتر الكتابة، و ما يرضيكوش صوابعي تنمل و أنا عندي عيلين عاوز أربيهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق