الاثنين، 14 مارس 2011

محامي الشيطان

سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين

في الخامس و العشرين من شهر يناير لعام ٢٠١١ ، بدأت حركة معارضة لنظام الحكم في شوارع مدينة القاهرة و امتدت منها لبعض المدن الأخرى ، و خرج المتظاهرون في تلك الأيام مطالبين بتنحي الرئيس مبارك عن منصب الرئاسة و إسقاط نظم الدولة ، و صاحب تلك الحركة مظاهر شغب و قلاقل في البلاد و تعطيل في الحياة المدنية و تأثر بها الاقتصاد الوطني تأثراً جماً ، و جاءت أقصى التقارير معبرة عن حجم المعارضين في أوج هذه التظاهرات بأنه لا يزيد عن العشرة مليون مواطن من مواطني الجمهورية

و استمرت هذه التظاهرات و القلاقل في ارجاء البلاد و تلقى موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك تقرير تفيد أن من وراء هذه الأحداث جهات أجنبية تريد زعزعة أمن الوطن ، و تواصلت تلك الأحداث حتى بعد تعيين الرئيس محمد حسني مبارك للسيد عمر سليمان نائباً له و عهوده إليه بسلطات الرئاسة مؤقتاً ، و ذلك طبقاً للمادة ٨٢ من الدستور و التي تنص على أنه:

"إذا قام مانع مؤقت يحول دو ن مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه، و لا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو إقالة الوزارة"

و قد قام موكلي الرئيس محمد حسني مبارك بتلك الخطوة حرصاً منه على أمن الوطن و محاولة لتهدئة الأوضاع في البلاد و إعادة الأمن و الاستقرار ، و لما كانت المادة ٧٤ من الدستور المصري تنص على أن:

"لرئيس الجمهورية إذا قام خطر حالّ و جسيم يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أ ن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر بعد أخذ رأي رئيس مجلس الوزراء و رئيسي مجلسي الشعب و الشورى، و يوجه بيانا إلى الشعب، و يجري الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها، و لا يجوز حل مجلسي الشعب و الشورى في أثناء ممارسة هذه السلطات."

فقد قرر موكلي الرئيس محمد حسني مبارك حرصاً منه على سلامة الوطن و رغبة منه في انهاء حالة الاضطراب في البلاد ، و بالرغم عن أن المتظاهرين في تلك الأحداث لم يكونوا يعبرون عن أغلبية رأي الشارع المصري ، قرر سيادته التخلي عن منصب رئيس الجمهورية في خطاب قصير عهد بتوجيهه للأمة للسيد عمر سليمان في الحادي عشر من فبراير لعام ٢٠١١ ، و كان نص الخطاب:

"أيها المواطنون ، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية و كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد ، و الله الموفق و المستعان"

و طبقاً للمادة ٧٤ من الدستور المصري المذكورة أعلاه ، فقد كان يجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة إجراء الإستفتاء الشعبي العام على قرار تخلي موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك في خلال ستين يوماً من صدور القرار

و أيضاً طبقاً للمادة ٧٤ من الدستور المصري يحظر في تلك الفترة حل مجلسي الشعب أو الشورى

و نظراً لأن قرار التخلي جاء رغبة من موكلي الرئيس محمد حسني مبارك في اعادة الأمن و الأمان للبلاد و ليس نزولاً على رغبة الشعب الذي لا تعكس التظاهرات رأي أغلبه ، و نظراً لأن التظاهرات كانت متركزة في بعض مدن الجمهورية من دون غيرها ، و نظراً لأنه على أقصى تقدير فإن عدد المتظاهرين الذي يقرب العشرة مليون متظاهر لا يرقى لمستوى الأغلبية الشعبية لقرابة الأربعين مليون مواطن لهم حق الإدلاء بالصوت في الانتخابات أو الاستفتاءات العامة ، فأن إقصاء موكلي الرئيس محمد حسني مبارك عن منصب الرئاسة بشكل دائم لا يستمد شرعيته من الدستور المصري الذي ينص في مادته الثالثة على أن:

"السيادة للشعب وحده، و هو مصدر السلطات، و يمارس الشعب هذه السيادة و يحميها و يصو ن الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور"

و كان من المفروض على المجلس الأعلى للقوات المسلحة إجراء الإستفتاء في ميعاده كما هو منصوص عليه في الدستور ، و ذلك لضمان الحصول على رأي الشعب بصفة موضوعية و بعيداً عن أحداث الشغب و الضوضاء ، و خصوصاً أنه كان لموكلي مؤيدون كثيرون في مختلف ارجاء البلاد التي لم تحدث فيها التظاهرات ، و الدلائل على ذلك موجودة

و نلفت نظر سيادتكم إلى أن موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك لم يستقل من منصبه كرئيس لجمهورية مصر العربية ، و انما تخلى عن سلطات المنصب و عهد بها للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، و ينص الدستور في مادته ٨٣ على أنه:

"إذا قدم رئيس الجمهورية استقالته من منصبه وجه كتاب الاستقالة إلى مجلس الشعب"

و ذلك ما لم يحدث مطلقاً ، و قد كان موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك في إنتظار نتيجة إستفتاء شعبي عام على قرار تخليه عن سلطة رئيس الجمهورية كما هو موضح بالدستور ، و لو كانت نتيجة الإستفتاء تطالب الرئيس بالتنحي عن المنصب و تقديم استقالته لكن قد فعل ذلك بالشكل الموضح بالدستور

ثم أقدم المجلس الأعلى للقوات المسلحة على إنتهاك دستوري آخر تحت حماية القوات المسلحة ، ألا و هو تعطيل الدستور و إصدار إعلان دستوري مؤقت من دون إستفتاء عام للشعب ، و هو ما لم ينص عليه الدستور في أي من مواده ، حتى مع إعتبار المجلس الأعلى للقوات المسلحة قائماً بدور رئيس الجمهورية ، و حل مجلسي الشعب و الشورى ، و هو ما نهى عنه الدستور في مثل هذه الحالات كما هو موضح عاليه .

و أجرى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إستفتاء عاماً على تعديل الدستور ، و بصفته القائم بعمل رئيس الجمهورية ، فقد تم الاستفتاء بصفة شرعية و دستورية و ذلك طبقاً للمادة ١٥٢ من الدستور و التي تنص على أنه :

"لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في المسائل العامة التي تتصل بمصالح البلاد العليا"

و تم في التاسع عشر من مارس لعام ٢٠١١ الإستفتاء على تعديل المواد التالية في الدستور:

  • مادة ٧٥ الخاصة بشروط الترشح للرئاسة
  • مادة ٧٦ الخاصة بطريقة إجراء الانتخابات الرئاسية
  • مادة ٧٧ الخاصة بفترة الرئاسة و المدد المتوالية للترشح
  • مادة ٨٨ الخاصة بشروط الترشح لمجلس الشعب و كيفية إجراء الانتخابات البرلمانية
  • مادة ٩٣ الخاصة بالنظر في الطعون المقدمة على عضوية أعضاء مجلس الشعب
  • مادة ١٣٩ الخاصة بتعيين نائب لرئيس الجمهورية
  • مادة ١٤٨ الخاصة بإعلان حالة الطوارئ في البلاد
  • مادة ١٧٩ الخاصة بقانون مكافحة الإرهاب
  • مادة ١٨٩ الخاصة بتعديل الدستور و صياغة دستور جديد

و وافق الشعب بأغلبيته على التعديلات الدستورية ، و اقرت من تاريخ موافقة الشعب عليها ، و صارت هذه النسخة من الدستور هي المعمول بها في الجمهورية من ذلك التاريخ

و حيث أن موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك لم يتقدم باستقالته طبقاً للمادة ٨٣ من الدستور

و حيث أن تعديل الدستور تم بشكل شرعي و بصفة المجلس الأعلى للقوات المسلحة قائماً بأعمال رئيس الجمهورية و طبقاً للمادة ١٥٢ من الدستور

و حيث أن المادة ١٩٠ من الدستور الذي أقره الشعب بأغلبيته في ١٩ مارس ٢٠١١ تنص على أنه:

"تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيسا للجمهورية"

و حيث أن موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك طبقاً لما سبق ما زال يعتبر الرئيس الشرعي الحالي للبلاد و تنتهي فترة رئاسته في سبتمبر ٢٠١١ ، و لم يتم إستفتاء الشعب بخصوص إستقالة الرئيس كما هو موضح بالدستور

و حيث أن المادة ١٩١ من الدستور الذي أقره الشعب بأغلبيته في ١٩ مارس ٢٠١١ تنص على أنه:

"كل ما قررته القوانين و اللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحا و نافذا و مع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد و الاجراءات المقررة في هذا الدستور"

و حيث أن المادة ٨٥ من الدستور الذي أقره الشعب بأغلبيته في ١٩ مارس ٢٠١١ تنص على أنه:

"يكو ن اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل و يصدر قرار الاتهام بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس. و يقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام، و يتولى الرئاسة مؤقتا نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه، مع التقيد بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة ٨٢، و ذلك لحين الفصل في الاتهام. و تكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها و إجراءات المحاكمة أمامها و يحدد العقاب، و إذا حكم بإدانته أعفي من منصبه مع عدم الخلل بالعقوبات الأخرى"

و حيث أن إتهام موكلي بصفته رئيساً للجمهورية لم يتم طبقاً للمادة ٨٥ من الدستور المذكورة أعلاه

و حيث أن هذا الاتهام ترتب عليه منع موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك من السفر و التحفظ على أملاكه و تجميد أرصدته بالبنوك

و بناء على كل ما سبق نطلب من عدالتكم التالي :

  • الإسقاط الفوري للتهم الموجهة إلى موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك و إلغاء المنع من السفر للخارج و تجميد أرصدته و التحفظ على ممتلكاته
  • إصدار قرار بإعادة إنشاء مجلسي الشعب و الشورى بأعضائهم المنتخبين و المعينين قبل تخلي موكلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك عن سلطة الرئاسة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، و ذلك لعدم دستورية حل مجلسي الشعب و الشورى وفقاً للدستور القائم وقت التخلي و الدستور المعدل بأغلبية رأي الشعب المصري في ١٩ مارس ٢٠١١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التسميات

٢٥ يناير (29) آدم (1) اخوان مسلمين (15) استشهاد (1) إسلام (26) الأنبا بيشوي (1) الأنبا تاوضروس (1) البابا شنودة (3) البرادعي (2) إلحاد (1) الداخلية (5) الفريق أحمد شفيق (6) الفريق سامي عنان (1) الم (2) المجلس العسكري (14) انتخابات الرئاسة (9) ايمان البحر درويش (1) برلمان (7) بلطجي (7) بولس رمزي (1) بيرم التونسي (1) تعريص (4) تمييز (2) توضيح (35) توفيق عكاشة (2) ثورة (33) ثيؤقراطية (6) جزمة (2) حازم شومان (2) حازم صلاح أبو إسماعيل (2) حب (4) حجاب (1) حرية (18) حزن (3) حواء (1) خواطر (33) خيانة (5) دستور (4) ديمقراطية (13) دين (37) زجل (3) سلفيين (15) سياسة (23) سيد درويش (1) شائعات (3) شرح (25) شرطة (5) شرع (7) شريعة (7) شهيد (5) صور (3) طنطاوي (7) عبد الفتاح السيسي (1) عبد المنعم الشحات (2) عتاب (1) عصام شرف (1) عصمت زقلمة (1) عقيدة (16) علمانية (13) عنف (7) عيد الميلاد (1) غزل (3) غناء (1) فلسفة (1) فوتوشوب (1) فوضى (3) قباحة (8) قبط (21) قصة (3) كنيسة (17) ماريز تادرس (1) مبارك (2) مجلس شعب (7) مرسي العياط (3) مرشد (5) مسيحية (28) مصر (51) معارضة (7) منطق (11) مواطنة (20) موريس صادق (1) نجيب جبرائيل (1) نفاق (1) نقد (36) وحي (1)