الأغلبية في مصر مسلمة ، و إلغاء المادة التانية أو تضمين مواد تفرغها من معناها سيقابل على أقل تقدير (إذا فرضنا أن الشعب بين يوم و ليلة صار متحضراً) بالرفض التام في إستفتاء شعبي عام ، و على أقصى تقدير بثورة أخرى ، و عليه فإن هذه النقطة غير منطقية و غير مطروحة للنقاش في الوقت الحالي على الإطلاق من أي عاقل في مصر . و بالمناسبة أنا ضد المادة التانية و في نفس الوقت أرى أنها ضرورة حتمية في الدستور في الوقت الحالي
ثانياً ، النخبة هي التي تضع الدستور ، و خصوصاً في دولة مثل مصر أغلب سكانها لا يعرفون أساساً ما هو الدستور (كلام من أرض الواقع) ، و حتى لو يعرفون ما هو الدستور ، فما زالت النخبة هي التي تتولى وضع الدستور ثم إستفتاء الشعب عليه . و كون النخبة هي التي تضع الدستور لا يحرم الشعب من المشاركة بالرأي و إكساب هذا الدستور شرعيته بالقبول أو نبذه و رفضه . اذا كان في مشروع الدستور ما يتعارض مع رأي الشارع ، فلن يكون لذلك الدستور مكاناً على الإطلاق
و القضية الأساسية هي شكل الدستور الذي سوف تضعه النخبة . في الواقع لا يهمني شكل الدستور تحديداً طالما نص الدستور صراحة على المساواة في الحقوق المدنية بدون أي وجه تفريق أياً كان ، و طالما كانت هناك آليات عملية و مقبولة في الدستور تسمح بتعديله في المستقبل ، و طالما لا يهيمن الدين على الدستور بشكل فج . و الهدف من هذا كله أن الشارع المصري له رأي الآن يختلف عن رأيه من ٦٠ عاماً ، و هذا الرأي حتماً سيختلف في المستقبل القريب أو البعيد ، و وضع دستور متوازن و مرن يكفل للمصريين حقهم في تغييره و تعديله بناء على تغير أحوالهم هو مطلب معقول و عادل .
الدستور الذي قد يهيمن على تشكيله الإخوان المسلمون في هذه المرحلة في ظني و تقديري لن يتضمن ما ذكرته . الإخوان المسلمون يعلون الدين فوق أي شيء آخر ، و هذا ربما يكون محموداً في الحياة الاجتماعية ، و لكنه ليس محموداً في دستور الجمهورية التي يعيش فيها الملايين ممن لا يدينون بالإسلام . و معروف للجميع أيضاً أن الإخوان لا يتبعون حتماً النظام الديمقراطي بمفهومه الحديث في إدارة أمورهم . و من ثم ، و بأخذ حالة الجهل السياسي المطبق للشارع المصري الآن في الاعتبار ، و بأخذ شعبية الإخوان المسلمين في الشارع المصري أيضاً في الاعتبار ، فإن في تقديري أن أي دستور يهيمن على تشكيله الإخوان المسلمون لن يحتوي على ما ذكرته أعلاه ، و بالرغم من ذلك سيقابل من الشارع المصري بالقبول نتيجة الجهل السياسي .
فهل معنى ذلك أن المصريين لا تصلح لهم الديمقراطية؟ كلا و ألف كلا ... الديمقراطية تصلح لكل الشعوب ، و لكن رسم معالم الديمقراطية مهم و توضيح الطريق لها مهم في مجتمع لم يعرف معنى الديمقراطية لعقود طويلة ، و لا أظن أن دستوراً يهيمن على تشكيله الإخوان المسلمون سيهيء الطريق الصحيح لذلك
و هذا ليس إستبعداً للإخوان من الحياة السياسية و لا إنكاراً لدورهم في الثورة ، و لا محاولة للتقليل من شعبيتهم و لا أي شيء من هذا القبيل ، و لكنه محاولة لوضع دستوري حيادي يرسم طريق الديمقراطية للمصريين
هذا رأيي الشخصي و لكم أن تختلفوا أو تتفقوا معي فيه ، و أعرضه لمن يريد التفكير فيه و ليس للمناقشة . إقرأ و تعلم و ابحث و فكر و كون رأيك الخاص بك بعقل متفتح .
حفظ الله مصر الحبيبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق