الخميس، 17 مارس 2011

رأيي في موضوع تشكيل الدستور

الأغلبية في مصر مسلمة ، و إلغاء المادة التانية أو تضمين مواد تفرغها من معناها سيقابل على أقل تقدير (إذا فرضنا أن الشعب بين يوم و ليلة صار متحضراً) بالرفض التام في إستفتاء شعبي عام ، و على أقصى تقدير بثورة أخرى ، و عليه فإن هذه النقطة غير منطقية و غير مطروحة للنقاش في الوقت الحالي على الإطلاق من أي عاقل في مصر . و بالمناسبة أنا ضد المادة التانية و في نفس الوقت أرى أنها ضرورة حتمية في الدستور في الوقت الحالي

ثانياً ، النخبة هي التي تضع الدستور ، و خصوصاً في دولة مثل مصر أغلب سكانها لا يعرفون أساساً ما هو الدستور (كلام من أرض الواقع) ، و حتى لو يعرفون ما هو الدستور ، فما زالت النخبة هي التي تتولى وضع الدستور ثم إستفتاء الشعب عليه . و كون النخبة هي التي تضع الدستور لا يحرم الشعب من المشاركة بالرأي و إكساب هذا الدستور شرعيته بالقبول أو نبذه و رفضه . اذا كان في مشروع الدستور ما يتعارض مع رأي الشارع ، فلن يكون لذلك الدستور مكاناً على الإطلاق

و القضية الأساسية هي شكل الدستور الذي سوف تضعه النخبة . في الواقع لا يهمني شكل الدستور تحديداً طالما نص الدستور صراحة على المساواة في الحقوق المدنية بدون أي وجه تفريق أياً كان ، و طالما كانت هناك آليات عملية و مقبولة في الدستور تسمح بتعديله في المستقبل ، و طالما لا يهيمن الدين على الدستور بشكل فج . و الهدف من هذا كله أن الشارع المصري له رأي الآن يختلف عن رأيه من ٦٠ عاماً ، و هذا الرأي حتماً سيختلف في المستقبل القريب أو البعيد ، و وضع دستور متوازن و مرن يكفل للمصريين حقهم في تغييره و تعديله بناء على تغير أحوالهم هو مطلب معقول و عادل .

الدستور الذي قد يهيمن على تشكيله الإخوان المسلمون في هذه المرحلة في ظني و تقديري لن يتضمن ما ذكرته . الإخوان المسلمون يعلون الدين فوق أي شيء آخر ، و هذا ربما يكون محموداً في الحياة الاجتماعية ، و لكنه ليس محموداً في دستور الجمهورية التي يعيش فيها الملايين ممن لا يدينون بالإسلام . و معروف للجميع أيضاً أن الإخوان لا يتبعون حتماً النظام الديمقراطي بمفهومه الحديث في إدارة أمورهم . و من ثم ، و بأخذ حالة الجهل السياسي المطبق للشارع المصري الآن في الاعتبار ، و بأخذ شعبية الإخوان المسلمين في الشارع المصري أيضاً في الاعتبار ، فإن في تقديري أن أي دستور يهيمن على تشكيله الإخوان المسلمون لن يحتوي على ما ذكرته أعلاه ، و بالرغم من ذلك سيقابل من الشارع المصري بالقبول نتيجة الجهل السياسي .

فهل معنى ذلك أن المصريين لا تصلح لهم الديمقراطية؟ كلا و ألف كلا ... الديمقراطية تصلح لكل الشعوب ، و لكن رسم معالم الديمقراطية مهم و توضيح الطريق لها مهم في مجتمع لم يعرف معنى الديمقراطية لعقود طويلة ، و لا أظن أن دستوراً يهيمن على تشكيله الإخوان المسلمون سيهيء الطريق الصحيح لذلك

و هذا ليس إستبعداً للإخوان من الحياة السياسية و لا إنكاراً لدورهم في الثورة ، و لا محاولة للتقليل من شعبيتهم و لا أي شيء من هذا القبيل ، و لكنه محاولة لوضع دستوري حيادي يرسم طريق الديمقراطية للمصريين

هذا رأيي الشخصي و لكم أن تختلفوا أو تتفقوا معي فيه ، و أعرضه لمن يريد التفكير فيه و ليس للمناقشة . إقرأ و تعلم و ابحث و فكر و كون رأيك الخاص بك بعقل متفتح .

حفظ الله مصر الحبيبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التسميات

٢٥ يناير (29) آدم (1) اخوان مسلمين (15) استشهاد (1) إسلام (26) الأنبا بيشوي (1) الأنبا تاوضروس (1) البابا شنودة (3) البرادعي (2) إلحاد (1) الداخلية (5) الفريق أحمد شفيق (6) الفريق سامي عنان (1) الم (2) المجلس العسكري (14) انتخابات الرئاسة (9) ايمان البحر درويش (1) برلمان (7) بلطجي (7) بولس رمزي (1) بيرم التونسي (1) تعريص (4) تمييز (2) توضيح (35) توفيق عكاشة (2) ثورة (33) ثيؤقراطية (6) جزمة (2) حازم شومان (2) حازم صلاح أبو إسماعيل (2) حب (4) حجاب (1) حرية (18) حزن (3) حواء (1) خواطر (33) خيانة (5) دستور (4) ديمقراطية (13) دين (37) زجل (3) سلفيين (15) سياسة (23) سيد درويش (1) شائعات (3) شرح (25) شرطة (5) شرع (7) شريعة (7) شهيد (5) صور (3) طنطاوي (7) عبد الفتاح السيسي (1) عبد المنعم الشحات (2) عتاب (1) عصام شرف (1) عصمت زقلمة (1) عقيدة (16) علمانية (13) عنف (7) عيد الميلاد (1) غزل (3) غناء (1) فلسفة (1) فوتوشوب (1) فوضى (3) قباحة (8) قبط (21) قصة (3) كنيسة (17) ماريز تادرس (1) مبارك (2) مجلس شعب (7) مرسي العياط (3) مرشد (5) مسيحية (28) مصر (51) معارضة (7) منطق (11) مواطنة (20) موريس صادق (1) نجيب جبرائيل (1) نفاق (1) نقد (36) وحي (1)