الخميس، 14 يوليو 2011

بين الهمزة و القاف

هذا المقال القصير يحتوي على ألفاظ قد تكون خادشة للحياء بالنسبة للبعض. لا ينصح بقرائته لمن هم دون السن القانونية و لا لمن هم دون المخ القانونية أيضاً، و لا لمن يستحون من ظلهم.

و قد أعذر من لا مؤاخذة أنذر.

في اللغة العامية بننطق حرف القاف زي الهمزة، ربما علشان القاف تقيلة شوية في النطق. قليل قوي (أليل أوي) لما الناس تنطق القاف مظبوطة (زي القاهرة مثلاً)، بس فيه ناس بتحول تلتف على الموضوع ده (زي الإلتفاف على الشرعية كده) و يقولوا على القاهرة مصر، على إعتبار إن اللي عايشين براها مثلاً عايشين في ليبيا.

ما علينا...

حد فاكر الأفلام القديمة بتاعة إسماعيل ياسين؟ من ضمن الكوميديا إنه ساعات كان بيقلب الهمزة الأصلية قاف، فمثلاً بدل ما يقول "مش ممكن أبداً أبداً" يقول "مش ممكن قبداً قبداً". و في ظل التعليم الخراوي اللي كتير من الأجيال الجديدة تلقته، ما فيش حد كتير اليومين دول بيفرق (أو بيفرأ) بين الهمزة و القاف و لا بين الزين و الذال و لا بين السين و الثاء، و فيه ناس بتختزل الأبجدية من ٢٨ حرف إلى حوالي ١٦ حرف مثلاً. ناهيك عن كيفية كتابة الهمزة، يعني مثلاً تقول "مسؤول" و لا "مسئول"، أو تقول "قرأوا" و لا "قرؤوا"، و مش حاندخل في الموضوع ده علشان أنا نفسي مش عارف كل القواعد (تصدق إن فيه قواعد للحكاية دي).

ما علينا...

معلومة لغوية تانية قبل ما نكمل. معلهش إستحملوني. قال إيه يا سيدي الفاضل، بيقول لك إن إضافة الألف و السين و التاء في أول الكلمة على أصل الفعل تفيد الطلب. معقدة؟ نقول أمثلة. يعني مثلاً "إستراح" يعني طلب الراحة و "إستعمل" يعني طلب العمل و "إستقال" يعني طلب القيل (و هو الراحة) و غيرها كتير من الأمثلة. قياساً، يبقى "إستفتى" يعني طلب الفتوى، و بيتهيأ لي ما فيش حد يختلف معايا لحد كده. قياساً برضه، "إستفتق" يعني طلب الفتق.

طيب هل اللي حصل في مارس ده يا ترى كان إستفتاء و لا إستفتاق؟ في الحالتين معظم الناس حتنطق الكلمتين بهمزة في الآخر، يعني حيقولوا "إستفتاء" على الكلمتين.

أنا شخصياً ما كنتش شايف إن الإستفتاء ده ليه لازمة أصلاً. لو الدستور سقط يبقى عاوزين دستور جديد، و لو ما سقطش يبقى نسيبه في حاله. الإستفتاء (في حالة إن المجلس كان بيستفتي الشعب) كان على "التعديلات الدستورية". تعديلات يعني حتجيب حاجة موجودة و تعدل فيها و تقيفها و تستخدمها تاني. لكن قالوا لأ، دستور ١٩٧١ سقط إلى غير رجعة. و بعدين لما عملوا الإستفتاء، الناس ما كانتش فاهمة الغرض إيه، و كتير من اللي راحوا قالوا "نعم" علشان ينصروا الإسلام أو قالوا "لا" علشان الإخوان ما يجوش. طبعاً كل ده هجص لأن الموضوع المفروض ما لوش دعوة بالدين مطلقاً.

المهم، جه المجلس العنتري و خد مواد الإستفتاء و حطها في إعلان دستوري هو تقريباً دستور ١٩٧١ بعد التعديل. الله...! مش قلتوا إنه سقط؟ قال لك ما هو ده مش دستور ١٩٧١، و ده على إعتبار إنه مثلاً طالما إختلف عن دستور ١٩٧١ في جملتين يبقى مختلف تماماً. المشكلة أن المجلس العنتري شال حتة من المواد المستفتى عليها و هو بيعمل الإعلان الدستوري...!

طيب يعني رأي الشعب مهم و لا مش مهم؟ لو مهم، يبقى ليه شلتم حتة من مواد الإستفتاء، و لو مش مهم، يبقى وجعتوا دماغنا ليه بالاستفتاء؟

ما علينا...

كتير من الأحزاب الجديدة قالت لك مش لاعبين. عاوزين دستور الأول. مفهوم كده إنهم بيحاولوا يعطلوا الانتخابات علشان مصلحتهم. طيب و لما سمعنا آراء فقهاء دستوريين و قانونيين بيقولوا المفروض الدستور يتعمل الأول، دول كمان كان ليهم مصالح في كده؟ الخلاصة إن الكل قال إن التيارات السياسية و شوية الفقهاء دول لا يعبروا عن الشعب.

ما علينا...

قوم ييجي المجلس بعد الأحداث الأخيرة يقول لك حنجتمع مع التيارات السياسية و نعمل وثيقة تحدد كيفية و شروط إختيار الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، و نعلن الوثيقة دي في إعلان دستوري تاني...!

و النبي يا عم المجلس العنتري، مش الناس كانت بتقول التيارات السياسية دي لا تعبر عن الشعب؟ دلوقت حنجتمع معاهم و نطلع إعلان دستوري تاني؟ طيب ما كنتوا تجتمعوا معهم من الأول و تعملوا الإعلان الدستوري و تريحونا من وجع الدماغ طالما إن الإستفتاء الأولاني بتاع الشعب ده مش مهم قوي يعني.

السؤال الملح دلوقت اللي بيزن على دماغي "هو الرئيس مبارك (كما أسماه اللواء ممدوح شاهين في المؤتمر الصحفي) نظامه إيه بالظبط؟" و بعدين ولاده و باقي الحاشية الوسخة برضه نظامهم إيه؟ كل شوية تطلع لنا جريدة و لا قناة فضائية و لا حتى التليفزيون المصري الحزين على عمره بخبر شكل عن صحة مبارك و عن ولاده اللي في السجن و غيره و غيره. ما شفناش حاجة يعني بعينينا.

لكن مش مهم الرئيس المخلوع المرزوع الشخلوع المقلوع مبارك دلوقت، لأن البلد إتقسمت ١٠٠٠ فرقة مختلفة بعد موضوع الإستفتاء اللي ما كانش ليه لازمة ده، و كل واحد بيتكلم عن نفسه زي ما يكون هو الشعب، و بيقول على الباقيين يا إما صيع و تنابلة يا إما فلول ولاد وسخة يا إما عملاء اجانب و قابضين يا إما عبده مشتاق و عاوزين يركبوا على الثورة يا أمة بلطجية مأجورين يا إما جهلة و غوغاء.

و مش مهم الناس تشتغل و تنتج و تركز في المهم لأنهم مشغولين يا إما بالدستور يا إما بالمجلس الرئاسي يا إما بمحاكمة مبارك يا إما بتفجيرات خط الغاز و موضوع تصدير الغاز لإسرائيل، يا إما بالشتيمة في الناس التانيين يا إما بالإخوان و السلفيين يا إما بالفتنة الطائفية يا إما بأهالي الشهداء إلخ إلخ...

و من هذا كله استنتج بعقلي الضعيف محدود الفكر أن المجلس العنتري ما كانش يقصد إنه عاوز يعمل إستفتاء. ده كان قاصد إنه يعمل إستفتاق، يعني يفتق الشعب و يجيب له فتاق و يأكله مفتقة، و أهو برضه إستفتاء بتتنطق زي إستفتاق و ما فرقتش كتير.

و الله أعلم بالنوايا، و يدي كل واحد على قد نيته (زي ما قلت في الصورة).


فتيق ميخائيل

ميسيساجا - كندا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التسميات

٢٥ يناير (29) آدم (1) اخوان مسلمين (15) استشهاد (1) إسلام (26) الأنبا بيشوي (1) الأنبا تاوضروس (1) البابا شنودة (3) البرادعي (2) إلحاد (1) الداخلية (5) الفريق أحمد شفيق (6) الفريق سامي عنان (1) الم (2) المجلس العسكري (14) انتخابات الرئاسة (9) ايمان البحر درويش (1) برلمان (7) بلطجي (7) بولس رمزي (1) بيرم التونسي (1) تعريص (4) تمييز (2) توضيح (35) توفيق عكاشة (2) ثورة (33) ثيؤقراطية (6) جزمة (2) حازم شومان (2) حازم صلاح أبو إسماعيل (2) حب (4) حجاب (1) حرية (18) حزن (3) حواء (1) خواطر (33) خيانة (5) دستور (4) ديمقراطية (13) دين (37) زجل (3) سلفيين (15) سياسة (23) سيد درويش (1) شائعات (3) شرح (25) شرطة (5) شرع (7) شريعة (7) شهيد (5) صور (3) طنطاوي (7) عبد الفتاح السيسي (1) عبد المنعم الشحات (2) عتاب (1) عصام شرف (1) عصمت زقلمة (1) عقيدة (16) علمانية (13) عنف (7) عيد الميلاد (1) غزل (3) غناء (1) فلسفة (1) فوتوشوب (1) فوضى (3) قباحة (8) قبط (21) قصة (3) كنيسة (17) ماريز تادرس (1) مبارك (2) مجلس شعب (7) مرسي العياط (3) مرشد (5) مسيحية (28) مصر (51) معارضة (7) منطق (11) مواطنة (20) موريس صادق (1) نجيب جبرائيل (1) نفاق (1) نقد (36) وحي (1)