السبت، 4 فبراير 2012

الإخوان أمام (و ليس في) البرلمان

نزول شباب الإخوان لتأمين مجلس الشعب من بعض أفراد الشعب الذين ذهبوا هناك هاتفين بسقوط حكم العسكر كان مثيراً للجدل. قرأت الكثير من التبريرات و التعليقات و في رأيي كلها تدور حول هذه النقاط:

  1. أراد الإخوان أن يحقنوا الدماء التي كان من الممكن أن تسال في حالة تصادم المتظاهرين مع الشرطة أو الجيش. أي أن الإخوان هدفهم الأساسي حقن دماء المصريين و هذا شيء نبيل جداً.
  2. أراد الإخوان أن يمنعوا حالة من الفوضى و الهياج و أن تستمر حالة من الهدوء النسبي لضمان مرور المرحلة الانتقالية. أي أن الإخوان هدفهم الأساسي تهدئة الأوضاع في البلاد لحين مرور الفترة الانتقالية و تسليم السلطة للمدنيين، و هذا هدف سياسي جيد قد نختلف عليه لكن من دون شك أنه من ضمن الأهداف المطروحة على الساحة لحل الأزمة.
  3. خشى الإخوان أن يقتحم المتظاهرون مجلس الشعب و يعتدوا على نواب الشعب. أي أن الإخوان هدفهم الأساسي هو الحفاظ على نواب الشعب المنتخبين من الإعتداء، و هو هدف لا بأس به و لك هذا ليس من إختصاص المدنيين. هناك شرطة و قوات مسلحة من واجباتها التأمين في المرحلة الحالية. و إن قرر الإخوان أن يحلوا محل الشرطة فهذا قرار من طرف واحد لا يوافق عليه قطاع كبير من الشعب.
  4. خشى الإخوان أن يرفع أحد المتظاهرين برعونة الحذاء في وجه نواب الشعب الكرام كما رفعوها في وجه جنود الجيش و هو أمر غير مقبول. أي أن الإخوان هدفهم الأساسي هو حماية "كرامة" عضو مجلس الشعب المنتخب و "كرامة" مجلس الشعب و هو هدف هزيل لا معنى له إذ أن عضو مجلس الشعب هو في النهاية مواطن مصري اوكله الشعب بمهمة تمثيله في البرلمان. رفع الحذاء في وجهه لا ينتقص من قدر مجلس الشعب في شيء، لأن هذا التصرف لا يصدر إلا من مجموعة قليلة لا تعبر عن الشعب، و إن صدر من أغلبية أو مجموعة كبيرة من الشعب، فإن المجلس وقتها يصير فاقداً لشرعيته الشعبية و لا يهم إن رفع الحذاء في وجه اعضائه أم لم يرفع. أما إن كان الهدف هو حفظ الكرامة الشخصية لعضو مجلس الشعب، فأحب أن أذكرهم أن هذا ما هو إلا بداية صناعة فراعين من نوع آخر.
  5. أطاع شباب الإخوان أوامر القيادات الإخوانية من دون تفكير في الأسباب أو العواقب، و هو أمر خطير أن نرى شباب الإخوان يتصرفون كالدمى فيفعلون ما يؤمرون به من دون أن يعقلوه أو يسألوا عن الأسباب. و في هذه الحالة لا ألوم شباب الإخوان على دوافعهم المحتملة للنزول أمام مجلس الشعب، و لكن على طاعتهم العمياء في زمن ننادي فيه بالحرية.
  6. أراد الإخوان الحفاظ على كراسيهم في مجلس الشعب بأي ثمن، و هو هدف خسيس يدل على أنانية و انفصال عن الجموع الثائرة في الشارع. و قد اوردت هذا الهدف في النهاية لأنني أفضل أن أحسن الظن بالإخوان كفصيل وطني، و لا أريد أن أصدر هذا الهدف في أول القائمة.

ثم فاجأنا الإخوان بالغياب عن الشارع في الأحداث الأخيرة عند وزارة الداخلية، و التي راح ضحيتها العديد من المصابين و لا أدري حتى الآن إن كان هناك قتلى أم لا. و عندما ظهر الإخوان، ظهروا في المحيط الواسع للمنطقة و كانوا يمنعون الشباب و الفتيات من الانضمام إلى المجموعة الثائرة بالقرب من وزارة الداخلية.

لا أقول إن إقتحام وزارة الداخلية عمل بطولي أو أنه من الأصل تصرف عاقل، و لكن التمس العذر لمن افقدته المصيبة عقله و رأى صديقاً له أو أخاً أو إبناً مات في مؤامرة دنيئة تستهدف إشعال الفتنة في البلاد. معذور هو و إن كنت مكانه لكنت قد فعلت نفس الشيء. و لكن غياب الإخوان عن الساحة أمر أثار أيضاً جدلاً كثيراً بعد ظهورهم بكثافة لتأمين مجلس الشعب. و رجوعاً للأهداف السابقة فإننا نرى:

  1. إن كان الإخوان قد أرادوا عصمة دماء المصريين، فلماذا لم يتواجدوا للفض بين قوات الشرطة و المتظاهرين ليعصموا دماءهم؟ أم أن هذه الدماء مختلفة عن تلك الدماء؟
  2. إن كان الإخوان قد أرادوا تهدئة الأوضاع و منع حالة الهياج في البلاد لكي تمر المرحلة الانتقالية بسلام، فلماذا لم يتواجدوا للتهدئة و كلنا نعلم أن الجموع الثائرة في ذلك الوقت كانت تحتاج بشكل أو بآخر للتهدئة؟
  3. إن كان الإخوان قد حلوا محل جهاز الشرطة في التأمين أو إن كانوا يخشون على إقتحام منشآت الدولة، فلماذا لم يتواجدوا بدلاً من جهاز الشرطة (أو حتى لمساعدة جهاز الشرطة) أو لدرء الهجوم على منشأة حيوية من منشآت الدولة و هي وزارة الداخلية؟
  4. إن كان الإخوان قد غابوا عن المشهد إنصياعاً لأوامر قياداتهم فهو أيضاً أمر خطير كما ذكرت سابقاً. هو أمر خطير أن يغض شباب الإخوان البصر عن الدماء البريئة التي تسال لمجرد الطاعة العمياء للقيادات.
  5. إن كان الإخوان يخشون على "كرامة" أو "هيبة" مؤسسات الدولة، فلماذا لم يتواجدوا ليمنعوا العدوان على مؤسسة من أهم مؤسسات الدولة و هي الشرطة؟
  6. و لا أريد أن أتكلم عن الإحتمال الأخير لأنني كما قلت أريد أن أحسن الظن بالإخوان كفصيل وطني.

و يحيرني سؤال أشد الحيرة. لماذا أحاط الإخوان بالمحيط الواسع لمنطقة الأحداث و منعوا دخول المزيد من الثوار أو المتظاهرين؟ قيل لأنهم أرادوا أن يمنعوا سفك المزيد من الدماء. فماذا عن دماء من هم متواجدون بالداخل في قلب الأحداث و يطلق عليهم الرصاص الحي و الخرطوش؟ و قيل لأنهم يظنون أن من بالداخل لا يعرفون مصلحتهم. أفنصبتم أنفسكم أوصياء على الآخرين فصرتم تعرفون مصلحتهم دونهم؟ أو أن خلافكم في الرأي معهم يهدر دماءهم؟ أرى أنه لو غاب الإخوان عن المشهد تماماً لكان الموقف أفضل بالنسبة لهم. و في جميع الحالات فإنني لا أجد تبريرات منطقية سليمة لتواجدهم عند مجلس الشعب ضد مظاهرة سلمية و غيابهم عند وزارة الداخلية و قد توقع الجميع أن تسيل الدماء و تزهق الأرواح.

من كان يعرف ما لا أعرفه أو يفهم ما لا أفهمه فليقل لي و له مني جزيل الشكر.

التسميات

٢٥ يناير (29) آدم (1) اخوان مسلمين (15) استشهاد (1) إسلام (26) الأنبا بيشوي (1) الأنبا تاوضروس (1) البابا شنودة (3) البرادعي (2) إلحاد (1) الداخلية (5) الفريق أحمد شفيق (6) الفريق سامي عنان (1) الم (2) المجلس العسكري (14) انتخابات الرئاسة (9) ايمان البحر درويش (1) برلمان (7) بلطجي (7) بولس رمزي (1) بيرم التونسي (1) تعريص (4) تمييز (2) توضيح (35) توفيق عكاشة (2) ثورة (33) ثيؤقراطية (6) جزمة (2) حازم شومان (2) حازم صلاح أبو إسماعيل (2) حب (4) حجاب (1) حرية (18) حزن (3) حواء (1) خواطر (33) خيانة (5) دستور (4) ديمقراطية (13) دين (37) زجل (3) سلفيين (15) سياسة (23) سيد درويش (1) شائعات (3) شرح (25) شرطة (5) شرع (7) شريعة (7) شهيد (5) صور (3) طنطاوي (7) عبد الفتاح السيسي (1) عبد المنعم الشحات (2) عتاب (1) عصام شرف (1) عصمت زقلمة (1) عقيدة (16) علمانية (13) عنف (7) عيد الميلاد (1) غزل (3) غناء (1) فلسفة (1) فوتوشوب (1) فوضى (3) قباحة (8) قبط (21) قصة (3) كنيسة (17) ماريز تادرس (1) مبارك (2) مجلس شعب (7) مرسي العياط (3) مرشد (5) مسيحية (28) مصر (51) معارضة (7) منطق (11) مواطنة (20) موريس صادق (1) نجيب جبرائيل (1) نفاق (1) نقد (36) وحي (1)