الدين هو منظومة من المعتقدات و مفهوم معين للكون يربط الإنسان ككائن حي بالروحانيات و ما فوق الطبيعة و غير المدرك حسياً و يحدد مجموعة من القيم و طريقة معاملات بين البشر.
أي حاجة تقولها غير كده تبقى بتضحك على نفسك و شايف الموضوع من وجهة نظر واحدة هي وجهة نظرك فقط. هاتقول لي الدين هو اللي بيربطنا بربنا و بيحدد علاقتنا بيه حاقول لك افتكر سيادتك إن ثلث سكان العالم تقريباً بوذيين، ما عندهمش موضوع ربنا ده. و مش من حقك كإنسان محدود المعرفة زيك زي الإنسان البوذي بالظبط انك تقول انك تعرف أكتر من البوذي لمجرد اختلافك معاه في الدين.
إنت كمسيحي أو مسلم أو يهودي أو أي حاجة من اللي بتقول إن فيه شايف إن فيه ربنا. دينك بيقول لك إن فيه ربنا، يعني منظومة المعتقدات اللي بتؤمن بيها بتقول إن فيه ربنا، و علشان كده إنت شايف إن فيه ربنا. هتقول لواحد ملحد إن فيه ربنا هايقول لك وريهوني...! بصراحة عنده حق. لو قعدت تحاول تجيب أدلة منطقية على وجود الله هتلاقي فيه زيها بالظبط أدلة تانية منطقية ١٠٠٪ على عدم وجود الله (ده لو طبعاً بتفكر بعقل متفتح مش بقفل أو فردة بلغة). و أنا شخصياً شايف إن لو فيه دليل مادي لا يمكن إنكاره أو دحضه على وجود الله، لكان كل البشر بقوا مؤمنين. و شايف برضه إن لو فيه مثل هذا الدليل يبقى الإيمان في حد ذاته لا يثاب، يعني ما تاخدش أجر عن ايمانك...! لو إنت شايف الشمس و قلت لي شوف الشمس أهي في السماء واضحة جداً، حاقول لك و هو حد تاني قال غير كده يا أهبل؟ يعني اعترافك بحقيقة مثبتة و مجمع عليها لا يستحق الثواب في حد ذاته، و عدم اعترافك بها غباء مطلق غير محدود، إلا إن استطعت أن تثبت العكس...!
طيب إيه علاقة الموضوع ده باللي أنا عاوز أقوله؟
الموضوع بسيط جداً. إنت شايف ربنا و الكون و العلاقات الإنسانية من وجهة نظر معينة يحكمها دينك (إن كان لك دين) أو عقيدتك الشخصية (إن كنت ملحد). مش كل الناس بيشتركوا معاك في هذا الدين أو هذه المعتقدات. مش من حقك تفرض على الناس التانيين وجهة نظرك في الكون و الروحانيات و المباح و غير المباح و فكرتك عن الله و الحياة بعد الموت و كل الكلام الحلو ده اللي احنا متأكدين إنه بيختلف بشكل أو بآخر من دين للتاني. ايش عرفك إن إنت صح و أن أنا غلط أو فلان أو علان غلط؟ إيه دليلك اللي مش ممكن نواجهه بدليل أو أكتر يفرتك أمه من الأساس؟ برضه لما تيجي تفكر في الموضوع ده خليك عاقل و متفتح ذهنياً و ما تتربسش على وجهة نظرك و بس و تمتنع عن رؤية وجهة النظر الأخرى أو ترفضها لمجرد الإختلاف مع وجهة نظرك، لأنك كده بتثبت انك حمار حصاوي رسمي.
في نفس الوقت، الوطن ده شيء مختلف. المواطنين في نفس الوطن ليهم نفس الحقوق و عليهم نفس الواجبات و كلهم سواء أمام القانون، و كلهم بيحبوا وطنهم و كلهم عاوزين الوطن يبقى حاجة كويسة و محترمة و كلهم مستعدين يضحوا بروحهم علشان الوطن، و ممكن تقعد تعد حاجات زي دي من هنا لبكرة. ما فيش مصري هيقول للتاني "لأ أنا شايف إن مصر دي دولة زبالة و لازم تفضل في قعر القفة"، و لا فيه مصري هيقول للتاني "مصر دي لو هجم عليها الأعداء علشان يحتلوها أنا أول واحد هاتعاون معاهم و انضم لهم". ما فيش كده........! بمنتهى البساطة، الوطن بيجمع كل المواطنين تحت منظومة تانية من المعتقدات و المشاعر و التعاملات مختلفة و منفصلة عن منظومة الدين.
يعني بشكل أبسط، المصري المسيحي و المسلم و البهائي و الملحد و اليهودي إن وجد (و كان فيه لحد وقت مش بعيد) كلهم مجتمعين على نفس المنظومة الوطنية "المصرية" بغض النظر عن إختلاف دياناتهم.
إيه علاقة الدين بالوطنية؟ هل المسلم أكثر وطنية من المسيحي أو العكس؟ و ما هو تعريف الولاء للوطن و ما هي حدود هذا الولاء و ماذا يفعل المواطن إن تعارض ولاؤه للوطن مع ولاؤه للدين؟ هذه اسئلة مهمة يجب الإجابة عنها و إلا المسألة تبقى بظرميت رسمي.
أنا شايف من وجهة نظر مسيحية إن الدين منفصل عن الوطنية. المسيحية بتقول "اعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله". يعني لا تعارض بين الواجب الوطني و بين التدين. على حد علمي إن برضه الإسلام ما فيش بينه تعارض بين الواجب الوطني و بين التدين.
النقطة التانية هي اختلاف المواطنين في درجة الوطنية بحسب دينهم. لو فيه حد جاب دليل محترم من أي نوع في أي بلد على إن ده ممكن يكون موجود بين أي دين و التاني يبقى له الكلام. لو كان الفكر ده موجود في عقل حد، يبقى يراجع نفسه جامد فشخ لأن ده هبل في الجبل في رأيي.
النقطة التالتة هي حالة تعارض الدين مع الوطنية. فيه إختلاف جوهري بين الإسلام و المسيحية في النقطة دي. المسلم مفروض عليه إنه يدافع عن الإسلام و عن المسلم، و طالما الدولة معظمها من المسلمين، فالدفاع عن الدولة واجب وطني و ديني في نفس الوقت. لكن إيه الوضع لو كانت الدولة مش معظمها من المسلمين؟ في أمريكا مثلاً، نلاقي إن الشيوخ أفتوا إن المسلم المجند اللي بيحارب في أفغانستان أو باكستان حكمه حكم "المكره"، يعني مغصوب و مغلوب على أمره. ممكن الموضوع ده نلاقي له تفسيرات و تبريرات على أساس إن أمريكا محتلة أفغانستان أو شيء من هذا القبيل. طيب إفترض معايا و خدني على قد عقلي إن إيران أعلنت الحرب على أمريكا (مش أمريكا اللي أعلنت الحرب على إيران). الجنود الأمريكان المسلمين اللي عاوزين يتبعوا تعاليم دينهم هايعملوا إيه؟ هل ممكن حد فيهم يتعاون مع إيران ضد أمريكا؟ في رأيي إن ده ممكن يحصل في أغلب الظن، لأن الإسلام بيعلي شأن الدين فوق مفهوم المواطنة المعاصر، أو على الأقل ده اللي فهمته من كل الشيوخ المعتدلين و المتطرفين اللي سمعتهم. الأمثلة على الموضوع ده كتير كييييييييييك للي عاوز يدور عليها، و بيتهيأ لي عقيدة الولاء و البراء حسب ما أنا فاهمها ما بتقولش غير كده.
بالنسبة للمسيحي ما فيش حاجة بتقول يعمل إيه في حالة التعارض غير إنه يرفض تنفيذ المطلوب منه و يتحمل هو وحده نتيجة هذا الرفض و له الثواب عند ربنا، و علشان كده في مسيحيين كتير في التاريخ إتقتلوا (استشهدوا في المصطلح المسيحي) لأنهم رفضوا يعملوا ما يتعارض مع دينهم. يعني الشهادة في المسيحية إن الواحد يتقتل علشان رفض ينفذ ما يتعارض مع تعاليم الدين و رفض ينكر أساسيات العقيدة المسيحية، لكن ما فيش حاجة في المسيحية بتقول إن المسيحي يمسك السلاح و يحارب من أجل نصرة الدين. اللي فاهم غير كده تبقى دي مشكلته و انصحه يقرا من مراجع محترمة و يسمع وجهة النظر المسيحية من المسيحيين و يبطل يملا مخه زبالة و خرة.
يعني لو دخلنا الدين الإسلامي في المواطنة، يبقى الدين هو اللي هايغلب في حالة التعارض بين الاتنين. برضه ده اللي أنا فهمته من معظم الشيوخ المعتدلين و المتطرفين على حد سواء.
و علشان الدين ممكن يتفسر بكذا طريقة و ياخد كذا شكل منها اليميني المتطرف و منها اليساري المفرط، و علشان الدين بيلزم الناس ب-"كلام ربنا" اللي الناس ما تقدرش تخالفه، الغرب طلع ناصح و فصل الدين عن الدولة في بلاد كتيرة جداً (مش كل البلاد للأسف). على الأقل القانون عندهم بيقول إن الدين منفصل عن الدولة، حتى لو كانوا الناس لسه ما بيعملوش ده بالظبط، لكن الموضوع لو وصل للمحكمة أكيد هيكون فيه فصل بين الدين و قانون الدولة.
واحد يقول لي "الإسلام ما فيهوش دولة ثيئوقراطية، أقول له إنت واهم و غلطان و مضحوك عليك. فكر بالعقل شوية. ما فيش دين تقريباً ما فيهوش دولة ثيئوقراطية. الدولة الثيئوقراطية مش بس هي الدولة اللي فيها كهنة، لكن هي أي دولة بتحكم ب-"كلام ربنا". يعني من الآخر اللي بيقول لك "إن الحكم إلا لله" بيقول لك ضمناً إن فيه دولة ثيئوقراطية. مش كل الناس بتفسر "كلام ربنا" (إن جاز هذا التعبير لأن مش كل الناس بتقبله) بنفس الطريقة. في النهاية اللي بيحصل على واقع الأرض إن فيه تفسير معين للدين هو اللي بيلزم الناس كلها بما يراه المفسرون إنه "كلام ربنا".
تقدر تعترض على كلام ربنا؟ ربنا اللي خلقك يا معفن يا رمة يا اللي ما تسواش تلات تعريفة؟ ربنا اللي قال لنا إن اللي ما يسمعش الكلام علقوه من حنكوشه في الميدان و إعبطوه؟ طيب هانعلقك من حنكوشك و نعبطك علشان تكون عبرة لغيرك يا واطي...!
دي بقت دولة ثيئوقراطية و لا بقت دولة ديمقراطية؟ ازاي مستني من حد بيقول لك إن الديمقراطية كفر مبين يبني لك دولة ديمقراطية؟ ازاي مستني من حد بيقول لك إن السمع و الطاعة واجب إنه يسمع رأيك و يسمح لك بحرية التعبير؟ ازاي مستني من حد بيقول لك "لا بأس من سفك بعض الدماء في سبيل إعلاء شأن الحق" إنه يحترمك كبني آدم ليك رأي مختلف عن رأيه؟ لو مستني من دول ديمقراطية بجد و حرية و كده، يبقى أحب افكرك بالمثل اللي بيقول "يا مستني السمنة من طيز النملة عمرك ما هاتقلي".
هاتقول لي نجربهم خمس سنين و نشوف، لو ما عجبوناش نغيرهم بالديمقراطية زي ما جبناهم بالديمقراطية. أقول لك يا حبيب هارتي يا غالي، اللي بيقول لك الديمقراطية كفر مبين مش هايسيب لك الديمقراطية كمان خمس سنين علشان تيجي تغيره بيها. ازي تأتمن حد لا يؤمن بالديمقراطية على إنه يحافظ لك على الديمقراطية؟ مش فاهمها دي.
تقول لي نعمل ثورة تاني. أقول لك عند أم لالو اللي هي تقرب من بعيد لأم تيتي و أم عفاف في نفس الوقت. ما فيش شعب بيعمل ثورتين بينهم خمس سنين. ده غير انك لما تثور المرة الجاية يا معلم هاتبقى بتثور على الناس اللي بيطبقوا "شرع الله"، يعني هاتبقى كافر و إبن ستين كلب في بعض إنت و كل الثوار اللي معاك. ابقى شوف مين هاينزل معاك التحرير وقتها يحدف معاك طوب و يعالجك. لما تبقى كافر و مارق و خارج عن الملة هتلاقي الشعب كله بيحدفك بالطوب=============>
المساواة التامة بين المواطنين أمام القانون بغض النظر عن الدين أو الملة أو الجنس أو اللون أو المعتقد السياسي هي الضمان الوحيد إن البلد تبقى نضيفة و إنك ممكن تغير اللي إنت انتخبتهم بعد خمس سنين أو حتى عشرين سنة. هو ده اللي بيقولوا عليه "الدين لله و الوطن للجميع" يا كوتكوت. لو دخلت الدين في السياسة في المواطنة في السمنة البلدي اللي إنت مستنيها من طيز النملة يبقى عليها العوض و منه العوض.
هاتقول لي يعني نكفر كلنا بقى و نسيب الدين خالص و كده. أقول لك "إنت حمار يا حمار"؟ هو أنا قلت اننا نكفر كلنا؟ القانون غير "شرع الله" يا معلم المعلمين. القانون ده وضعي بيحطه البرلمان، و مش ممكن أعضاء البرلمان هايمرروا قانون يتعارض مع معتقدات المجتمع العامة و آدابه و تقاليده العامة. لكن الفرق الأساسي إن القانون مرن و ممكن يتغير بتغير الظروف، لكن الوضع مختلف لو عملت الحكم "شرع الله". القانون بترجع فيه للقاضي و المحكمة، لكن شرع الله بترجع فيه للفقيه و المفتي. ما تقول ليش إن البرلمان المصري ممكن يمرر قانون مثلاً بإباحة زواج المثليين، بمنتهى البساطة لأن ده يتعارض بشكل مرعب مع التقاليد المصرية.
يعني من الآخر كده، الدين كمنظومة معتقدات برضه هيكون ليه دور في وضع القانون، لأن اللي بيضعوا القانون هما نفسهم المؤمنين بهذه المنظومة الدينية و لن يخالفوها. المهم إن الجميع يكون متساوي أمام القانون. هو ده المبدأ الأساسي اللي لازم نحطه في دماغنا. و لما ما يكونش فيه حد بيحكم نيابة عن ربنا في الأرض، يبقى سهل جداً المرة الجاية في الإنتخابات تقول له "ما يحكمش يا روح خالتك" و تدي له الصابونة.
فهمتم و لا إيه؟ عموماً لو ما فهمتوش يبقى خليكم مع "إن الحكم إلا لله" و إن شاء الله داخلين الجنة حدف بإذن واحد أحد. أنا أصلي كافر إبن كافر.