هل السفر للماضي عبر الزمن ممكن؟

باختصار شديد: لا.

السفر عبر الزمن بدأ يظهر بقوة في أفلام و مسلسلات الخيال العلمي بعد ظهور النظرية النسبية لآينشتاين و التي نصت على أن الزمن و الكتلة و الأطوال تختلف باختلاف سرعة الجسم المرصود مقارنة بسرعة الراصد، و أن الثابت الكوني هو سرعة الضوء و ليس الزمن. مع ازدياد السرعة، يتقلص الزمن و تزداد الكتلة و الطول، و عند سرعة الضوء يصير الزمن صفراً و الكتلة و الطول لانهائيين. فإذا تقلص الزمن بالقتراب من سرعة الضوء أو توقف تماماً عند هذه السرعة، فإنه يمكن (نظرياً، حيث أن هذا ليس ممكن التحقيق بالتكنولوجيا الحالية) السفر للمستقبل، فإذا مرت ساعة على المتحرك بسرعة تقارب سرعة الضوء، يمر مقابلها زمن طويل، ربما عدة أعوام أو عقود، على الأرض.

فماذا عن السفر للماضي؟

فلنفترض أن هناك عالماً استطاع أن يسافر للماضي عبر الزمن إلى نقطة في الماضي تسبق اكتشافه لكيفية السفر عبر الزمن، ثم قام العالم المستقبلي بقتل نفسه في الماضي (قتل كل من النسختين الأصلية و القادمة من المستقبل)، فمن حينئذ سيكتشف السفر عبر الزمن، و كيف سيوجَد هذا العالم القاتل الآتي من المستقبل إذا كان مكتشف كيفية السفر عبر الزمن قد مات قبل أن يكتشفها؟ فإن صحت إمكانية السفر عبر الزمن فإن هناك مجرى للأحداث قد يوجَد فيناقض وجود هذه الإمكانية ذاتها منطقياً.

و إن كان ممكناً خلق بوابة زمنية يمكن من خلالها العبور إلى الماضي و العودة، فإن التغذية الرجعية الموجبة (Positive feedback) ستؤدي حتماً لانهيار هذه البوابة من فرط الطاقة المارة خلالها. فإذا مر بعض الضوء (و هو صورة من صور الطاقة) من الماضي إلى المستقبل ثم انعكس جزء منه على أي سطح في المستقبل و مر مع بعض الضوء الآتي أساساً من المستقبل إلى الماضي، فإن كمية الضوء التي ستنعكس من الماضي و تمر إلى المستقبل ستزداد، و بالتالي تزداد كمية الضوء المنعكسة من المستقبل إلى الماضي، و هكذا يستمر تنامي كمية الضوء المارة خلال هذه البوابة إلى لانهاية، و من المؤكد أن هذه البوابة لن تحتمل كمية الطاقة المارة خلالها عند مرحلة ما و ستنهار.

ثم إنه ليس هناك تقنية على الأرض في الوقت الحالي تسمح بمحاولة إجراء تجربة من أي نوع لمعرفة إمكانية السفر للماضي من عدمها.

و عليه فإنه من المستحيل من وجهة النظر المنطقية و الفيزيائية و التقنية السفر عبر الزمن للماضي، و لكي أكون أكثر دقة، من المستحيل على قدر علم البشرية الحالي، و إن كنت لا أظن أن هذا الأمر سيتغير مستقبلاً، فالمنطق لا و لن يتغير، و هناك مناقضة منطقية للسفر عبر الزمن إلى الماضي.

هذا الرأي مستمد من آراء العالم الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنج، و ليس من بنات أفكاري.