مفهوم اللانهاية

اللانهاية هي مفهوم حسابي يعبر عن حقيقة حسابية ألا و هي أنه هناك دوماً رقم أكبر من أي رقم آخر، و هناك دوماً رقم أصغر من أي رقم آخر، أي أن الأرقام لا تنتهي و لا حصر لها. و عليه فإن اللانهاية ليست رقماً و إنما مفهوم حسابي، و تدخل في العمليات الحسابية على هذا الأساس، و لهذا فإن العمليات الحسابية على اللانهاية لها قواعد خاصة مختلفة عن القواعد الأساسية للحساب، و بحيث لا تكسر هذه القواعد الأساسية.

و هناك اللانهاية الموجبة و اللانهاية السالبة، و الفرق بين الأولى و الثانية هو فرق في اتجاه العد فقط، و لكن المفهوم متماثل. 'اللانهاية الموجبة' (أو 'اللانهاية' فقط بدون تعريف الاتجاه) تعبر عن استمرار الأرقام في الزيادة بلا حصر في الاتجاه الموجب، و عليه فإنها تعتبر أكبر من أي رقم، بينما 'اللانهاية السالبة' تعبر عن استمرار الأرقام في النقصان بلا حصر في الاتجاه السالب، و عليه فإنها تعتبر أصغر من أي رقم، و بديهي حينئذ أن نعتبر اللانهاية السالبة أصغر من اللانهاية الموجبة.

و من الطريف في مفهوم اللانهاية أن علم الحساب لا يعتبر اللانهاية تساوي نفسها! و لتخيل ذلك، افترض أن هناك فندقاً به عدد لانهائي من الغرف، و في كل غرفة سريران، و أن هذا الفندق استضاف عدداً لانهائياً من الضيوف بحيث سكن الضيف الأول في الغرفة الأولى و الثاني في الغرفة الثانية و الثالث في الثالثة و هكذا إلى اللانهاية، و لأن عدد الغرف لا نهائي فإن عدد الضيوف أيضاً لانهائي و كل ضيف يسكن غرفة واحدة و كل غرفة لا تحتوي إلا على ضيف واحد. فماذا عن عدد الأسِرَّة؟ هو أيضاً عدد لانهائي لأن عدد الغرف لانهائي. و لكن عدد الأسرة ضعف عدد الغرف و عدد الضيوف، إذ أن كل غرفة تحتوي على سريرين. و إذا كانت كل غرفة تحتوي على ثلاثة كراسي، فإن عدد الكراسي يكون لانهائياً و في الوقت ذاته يكون ثلاثة أمثال عدد الغرف و الضيوف. فأي الأعداد أكبر إذاً؟ أعدد الغرف أم عدد الأسرة أم عدد الكراسي؟ كلها تستمر إلى اللانهاية، و لكن عدد الكراسي ثلاثة أمثال عدد الغرف و عدد الأسرة ضعف عدد الغرف. و لهذا فإن اللانهاية حسابياً لا تساوي اللانهاية.

و لنفترض أن هذا الفندق بعد أن استضاف هذا العدد اللانهائي من الضيوف و أسكن كلاً منهم في غرفة من غرفه اللانهائية أتاه عدد آخر محدود من الضيوف (ربما عشرة أو مئة أو حتى مليار) فاستأذن ضيوفه الأوائل أن يشترك بعضهم كلٌ مع ضيف من الضيوف المحدودين في الغرف، بحيث يستخدم كل منهما سريراً، فماذا سيكون عدد الضيوف حينئذ؟ سيظل عدد الضيوف لانهائياً لأن كل الغرف اللانهائية مشغولة. و بالتالي فإن إضافة أي عدد للانهاية ينتج عنه اللانهاية، و طرح أي عدد من اللانهاية ينتج عنه أيضاً اللانهاية. و بالمثل فإن إضافة أي عدد أو طرح أي عدد من اللانهاية السالبة ينتج عنه اللانهاية السالبة.

و إضافة اللانهاية الموجبة للانهاية الموجبة ينتج عنه اللانهاية الموجبة. و إضافة اللانهاية السالبة للانهاية السالبة ينتج عنه اللانهاية السالبة.

و يمكن تبسيط الضرب لعمليات جمع متتالية. فحاصل ضرب الخمسة في السبعة مثلاً هو ناتج جمع الخمسة إلى نفسها سبع مرات أو جمع السبعة إلى نفسها خمس مرات. و عليه فإن ضرب اللانهاية الموجبة في أي رقم موجب ينتج عنه اللانهاية الموجبة، إذ أنه يمكن تبسيطه إلى عدد من عمليات إضافة اللانهاية الموجبة لنفسها، و كذلك ضرب اللانهاية السالبة في أي رقم موجب ينتج عنه اللانهاية السالبة. و الضرب في الرقم السالب ينتج عنه أيضاً اللانهاية مع عكس إشارتها، فإذا كانت موجبة تصير سالبة و العكس.

و ضرب اللانهاية في اللانهاية ينتج عنه اللانهاية، و تنطبق قاعدة الإشارات على هذه العمليات أيضاً، فيكون حاصل ضرب اللانهاية السالبة في اللانهاية السالبة هو اللانهاية الموجبة.

أما ضرب اللانهاية الموجبة أو السالبة في الصفر فهو كمية غير محددة (Indeterminate value) حسابياً.

و قسمة اللانهاية على أي عدد ما عدا الصفر و اللانهاية ينتج عنها اللانهاية. في مثال الفندق السابق، إذا قسمنا عدد الأسرة و هو لانهائي على اثنين فإن خارج القسمة يكون عدد الغرف، و هو اللانهاية. و إذا قسمنا عدد الكراسي و هو لانهائي على ثلاثة فإن خارج القسمة يكون عدد الغرف أيضاً، و هو اللانهاية. و بالمثل فإن خارج قسمة اللانهاية على أي عدد عدا الصفر و اللانهاية يكون لانهاية.

و خارج قسمة اللانهاية على اللانهاية هو كمية غير محددة. في مثال الفندق السابق، خارج قسمة عدد الغرف اللانهائي على عدد الأسرة اللانهائي هو اثنان، و قسمة عدد الكراسي اللانهائي على عدد الغرف اللانهائي هو ثلاثة. إذا خارج قسمة اللانهاية على اللانهاية قد يكون اثنين أو ثلاثة أو أي رقم آخر (قياساً) ما عدا الصفر.

و طرح اللانهاية من اللانهاية هو أيضاً كمية غير محددة، و هذا ينتج مباشرة من أن إضافة أي رقم للانهاية ينتج اللانهاية نفسها، و أن اللانهاية لا تساوي اللانهاية.

و أكتفي بهذا القدر من الشرح لمفهوم اللانهاية، حيث أن المزيد من الشرح يدخلنا في عمليات حسابية معقدة نسبياً نحن في غنى عنها. ما ذكرته هنا يخدم شرح المفهوم العام للانهاية و يخدم استخدامي لهذا المفهوم في مواضع أخرى، و هذا يكفي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التسميات

٢٥ يناير (29) آدم (1) اخوان مسلمين (15) استشهاد (1) إسلام (26) الأنبا بيشوي (1) الأنبا تاوضروس (1) البابا شنودة (3) البرادعي (2) إلحاد (1) الداخلية (5) الفريق أحمد شفيق (6) الفريق سامي عنان (1) الم (2) المجلس العسكري (14) انتخابات الرئاسة (9) ايمان البحر درويش (1) برلمان (7) بلطجي (7) بولس رمزي (1) بيرم التونسي (1) تعريص (4) تمييز (2) توضيح (35) توفيق عكاشة (2) ثورة (33) ثيؤقراطية (6) جزمة (2) حازم شومان (2) حازم صلاح أبو إسماعيل (2) حب (4) حجاب (1) حرية (18) حزن (3) حواء (1) خواطر (33) خيانة (5) دستور (4) ديمقراطية (13) دين (37) زجل (3) سلفيين (15) سياسة (23) سيد درويش (1) شائعات (3) شرح (25) شرطة (5) شرع (7) شريعة (7) شهيد (5) صور (3) طنطاوي (7) عبد الفتاح السيسي (1) عبد المنعم الشحات (2) عتاب (1) عصام شرف (1) عصمت زقلمة (1) عقيدة (16) علمانية (13) عنف (7) عيد الميلاد (1) غزل (3) غناء (1) فلسفة (1) فوتوشوب (1) فوضى (3) قباحة (8) قبط (21) قصة (3) كنيسة (17) ماريز تادرس (1) مبارك (2) مجلس شعب (7) مرسي العياط (3) مرشد (5) مسيحية (28) مصر (51) معارضة (7) منطق (11) مواطنة (20) موريس صادق (1) نجيب جبرائيل (1) نفاق (1) نقد (36) وحي (1)