التدخين علاج لمرض فقر الدم (الأنيميا)

أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة التي أجراها عالمان مصريان أن التدخين يعالج مرض فقر الدم. تم إجراء البحث على على عدد كبير من المتطوعين يفوق الألف متطوع، و أخذت منهم عينات دم و تم تحليل نسبة الهيموجلوبين فيها، و الهيموجلوبين هو المادة الحمراء في الدم المسئولة عن حمل الأوكسجين للخلايا من الرئة، و نقص هذه المادة في الدم يؤدي إلى مرض فقر الدم المعروف أيضاً بإسم الأنيميا. و من أعراض الأنيميا تسارع ضربات القلب، و الإحساس بالإرهاق و التعب و عدم القدرة على بذل مجهود، و الشعور بصعوبة في التنفس عند بذل مجهود، و هذه الأعراض تصيب الكثيرين و للأسف لا يعلم إلا القليلون أنهم مصابون بمرض فقر الدم.

بتحليل نسبة الهيموجلوبين في عينات الدم المأخوذة من المدخنين و غير المدخنين، وجد العالمان المصريان أن نسبة الهيموجلوبين في دم المدخنين أعلى بشكل ملحوظ من نسبتها في دم غير المدخنين، كما وجدوا أن نسبة الهيموجلوبين في دم غير المدخنين كانت أقل من المعدل الطبيعي (و هو حوالي ١٤٠ إلى ١٥٠، بينما كانت نسبة الهيموجلوبين في دم المدخنين أكثر من المعدل الطبيعي. و يوضح الرسم البياني على اليسار نتائج هذا البحث الجديد.

و من المعروف أن التدخين أيضاً يقلل من فرص الإصابة بالغثيان و القيء بعد التعرض للتخدير الكلي أثناء العمليات الجراحية، و جدير بالذكر أن الغثيان و القيء من الأعراض الجانبية الشهيرة للتخدير الكلي و قد يتسبب في تعطيل خروج المريض من المستشفى بعد العمليات الصغيرة. و بناء على هذه النتائج الجديدة يوصي العالمان المصريان هريديوف و عوضينسكي الأستاذين بقسم الفيسيولوجي بكلية الطب جامعة موسكو بالإكثار من التدخين قبل إجراء العمليات الجراحية التي تتطلب تخديراً كلياً لأن هذا يؤدي إلى الاستفادة من إزدياد نسبة الهيموجلوبين و تقليل فرصة التعرض للإصابة بالغثيان و القيء بعد التخدير.

طبعاً إذا كنت من أصدقائي الأطباء ستعلم بكل تأكيد أن المعلومات المذكورة أعلاه صحيحة بنسبة ١٠٠٪ من الناحية العلمية. التدخين بالفعل يزيد من نسبة الهيموجلوبين في الدم و يقلل من فرصة الإصابة بالغثيان و القيء بعد التخدير الكلي. و لكن النصح بالإكثار من التدخين قبل إجراء العمليات الجراحية التي تتطلب تخديراً كلياً هو محض عبث و "هبل في الجبل"، فالتدخين له من الأضرار ما يفوق الفوائد بما لا يمكن حصره. الحقيقة أن التدخين يؤدي إلى إزدياد نسبة الهيموجلوبين لأنه يؤدي إلى فشل ما يقرب من ٢٠٪ من الهيموجلوبين الموجود في الدم و ذلك لتحوله إلى "كاربوكسي هيموجلوبين" و هو مادة لا تقدر على حمل الأكسجين للخلايا، و عليه فإن الجسم يحاول تعويض ذلك بزيادة نسبة الهيموجلوبين، و في النهاية تكون نسبة الهيموجلوبين الفعالة (القادرة على حمل الأكسجين) أقل في المدخن منها في غير المدخن...!

ما أريد أن أقوله هنا هو التأكيد على أن الأرقام و الرسومات البيانية وحدها لا تكفي لاستنتاج حقائق معينة منها، و يجب على القارئ الواعي أن يعرف الطريقة التي تم بها البحث و يسأل أهل العلم و المعرفة عسى أن يدلوه على ما لا يعلم مما ينقض بعض الاستنتاجات القائمة على مجرد أرقام من دون تعمق في أسلوب البحث و ما وراءه من علم. أذكر هنا مقولة شهيرة (و لا نعلم بالضبط قائلها الأصلي) نشرها الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين (١٨٣٥-١٩١٠ ميلادية) و هي:

There are lies, damned lies and statistics...!

و ترجمتها للعربية "هناك أكاذيب، و أكاذيب ملعونة، و إحصائيات...!"

إحترس من الإحصائيات. لا تصدق كل ما توحي به الإحصائيات من دون الرجوع إلى مصادر الثقة و العلم، و إلا سيكون من أسهل الأشياء خداعك و إقناعك بما ليس حقيقياً. و بالمناسبة، إن لم تكن أدركت حتى الآن، فأحب أن أوضح أنه لا يوجد عالمان مصريين باسم هريديوف و عوضينسكي يعملان في جامعة موسكو.

نهارك فل يا برنس...!