كنت أتمنى لو كنت في مصر اشارك الباقين من المصريين في كفاحهم ضد الظلم و الطغيان . إن ثورة الشعب على القهر و الدكتاتورية في مصر هي ثورة غير مسبوقة في التاريخ الحديث . تعلمنا في التاريخ (أيام ما كان فيه علام في البلد) أن الثورات الكبرى في تاريخنا الحديث هي ثورة القاهرة أيام الاحتلال الفرنسي ، و هذه جاءت من الشعب لكنها كانت محدودة في القاهرة ، ثم ثورة عرابي ضد الاحتلال الإنجليزي و كان أحمد عرابي قائدها ، ثم ثورة سعد زغلول في أوائل القرن الماضي و كان سعد زغلول هو ملهمها و قائدها ، ثم ثورة 1952 التي لم يكن لها ملهم إلا معاناة الشعب و لم يكن لها قائد بالمعنى المفهوم ، حيث أن محمد نجيب نحي عن الرئاسة سريعاً بعد استتباب الأمور في البلاد .
كل الثورات السابقة باستثناء ثورة القاهرة كان لها زعيم أو قائد أو ملهم أو مدبر و كانت ثورات ضد المستعمر الغازي ، لكن ما نراه الآن في الشارع المصري يعكس توجهاً جديداً و روحاً لم نرها من قبل . نحن اليوم نرى في الشارع المصري شباباً في مقتبل عمرهم يثورون على الظلم و الطغيان من أبناء بلدهم و ليس من الأجانب ، و يثورون على احتلال مصر من المصريين و ليس من الغزاة ، و لا يقودهم زعيم و انما ألهمهم شاب مثلهم راح ضحية النظام كما راح الكثيرون من قبله . نحن نرى الآن في شوارع مصر ثورة تنطلق من كل ارجاء مصر و لا تتركز في مكان دون الآخر . نحن نرى الآن ثورة يشارك فيها الصغار قبل الكبار و النساء قبل الرجال و يمتزج فيها كل المصريين في نداءات تطالب بالحرية و الآدمية للجميع من دون تفريق بين طائفة و أخرى
إن شعب مصر اليوم يصنع تاريخاً لأمته سيظل يدرس لأبنائها أبد الدهر ، و قد آن الأوان أن نطيح بهؤلاء الطغاة الذين اطلقوا اسماءهم على شوارعنا و مدننا و مدارسنا و مستشفياتنا و كأنهم آلهة مخلدون ، آن الأوان أن نعيد للشعب وطنه و أن نسمي تلك الشوارع و المدن و المدارس و المستشفيات على أسماء من زهقت أرواحهم في سبيل تحقيق الحرية لنا جميعاً و على أسماء كل من اصيبوا بعاهات من جراء الطغيان لنتذوق نحن طعم حلاوة الحرية . ليست هي مصر مبارك يا سيادة الرئيس و انما هي مصر الشهيد فلان ، و ليست هي مكتبة السيدة سوزان مبارك و انما هي أيضاً مكتبة الشهيد فلان و ليست هي مدينة مبارك و انما هي مدينة الشهيد فلان ، و لن تنفد الأسماء لضحايا نظامك الفاسد ، و سنظل نبني مصرنا و نخلد ابطالنا
تحيا مصر ... تحيا مصر ... تحيا مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق