هذا المقال القصير يحتوي على ألفاظ قد تكون خادشة للحياء بالنسبة للبعض. لا ينصح بقرائته لمن هم دون السن القانونية و لا لمن هم دون المخ القانونية أيضاً، و لا لمن يستحون من ظلهم.
و قد أعذر من لا مؤاخذة أنذر.
المقالة دي عبارة عن مقاطع ممكن تقراها بالترتيب أو تقراها واحد واحد بدون ترتيب. إنت و مزاجك و على حسب الوقت المتاح عندك. المقالة عبارة عن تعليقات على بعض الجمل اللي الواحد سمعها الفترة اللي فاتت إتكررت كتير. كلمتين و بافك بيهم عن نفسي أحسن ما أطق من جنابي. طبعاً و إنت بتقرا المقال هاتعرف بنفسك إن كان الكلام موجه ليك و لا موجه لحد تاني. ما تزعلش مني و ما تآخذنيش في طولة لساني. أنا كده... طبعي كده... الله يرحمك يا نجيب يا ريحاني. عموماً لو متضايق ما تكملش قراية.
من أمن العقاب أساء الأدب.
منتهى العقل و منتهى الحكمة في هذه الجملة. و يستخدم العديد من حكماء العصر هذه الجملة للاستدلال على أن ما يفعله ما يطلق عليهم "الثوار" من تخريب و حرق و دمار و إعتداء على الجنود البواسل انما هو نتيجة حتمية لغياب العقاب الرادع عن هؤلاء الغوغاء، و لو عوقبوا بما يناسب فعلهم الخسيس الذي يهدف إلى تدمير الدولة و زعزعة هيبتها لما تجرأ غيرهم على تكرار ما فعله سلفه و لاستقر الأمن.
آه يا معرص... طيب ما تقول لنفسك. ما هو لو اللطخ اللي راقد في المركز الطبي العالمي و قبلها كان راقد في شرم الشيخ كان إتعاقب، كان ما فيش أي حيوان من المتآمرين اللي كل شوية يولعوا لنا البلد بمصيبة كل مرة شك استجرى إنه يكرر اللي المخلوع المرزوع عمله. لو كان أعضاء الحزب الوطني المنحل إتحرمو فعلاً من ممارسة الحياة السياسية لمدة كام سنة ما كانش ناس منهم دخلت البرلمان تاني و بقى عندهم حصانة تاني. لو اللي هدم كنيسة سول و اللي قطع الطريق في قنا و اللي قتل المتظاهرين في محمد محمود و قبلها في موقعة الجمل و اللي فقع عينين خيرة شباب الوطن كانوا إتعاقبوا، ما كناش كل شوية و التانية نشوف الدم سايح و العينين مفقوعة و المباني محروقة. لو اللي سرقوا البلد بالمليارات كانت فلوسهم إتجابت من بره و أخدوا العقاب المظبوط ما كانتش الفلوس دي استخدمها الواطيين ولاد الكلب علشان يدبروا بيها مؤامرات و يقتلوا بيها الشباب اللي زي الورد و يرهبوا المواطنين علشان يقولوا حرمنا. لو المجلس العسكري اللي ساب ده كله يعدي (على أقل تقدير) أو خطط لده كله (على أسوأ تقدير) ما كانش أمن العقاب ما كانش عمل كده.
عرفت يا معرص يعني إيه من أمن العقاب أساء الأدب؟ ما تجيش على الكبير المفتري القادر و تفوت له و تمسك الصغير الغلبان الضعيف اللي بيفرفر حلاوة روح و تضربه بالجزمة و تقول عليه أساء الأدب. إسفوخص عليك و على الأشكال الوسخة اللي زيك. و ده يدخل بينا على النقطة التانية.
هو إيه اللي وداهم هناك؟!
عندما عريت "ست البنات" التي لا نعرف اسمها في وسط الشارع و ضربت هي و غيرها من البنات و الشباب ضرباً مبرحاً أفضى إلى عاهات مستديمة عند البعض و جراح و اصابات بالغة عند البعض الآخر، قال بعض المواطنين الشرفاء "و هي إيه اللي وداها هناك؟" على أساس أن بنات البيوت المحترمة لا تشارك في المظاهرات و لا تنزل الشارع في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد. أخطأت تلك الفتاة بتواجدها في موقع الشغب، و بالتالي فلا لوم و لا تثريب على من ضربها و عراها، و انما كل الخطأ و كل اللوم يقع على عاتقها و على عاتق أهلها (إن كان لها أهل) لأنها انما كانت ينبغي أن تصون نفسها بالبقاء في البيت.
آه يا معرص... اتعودت على انك تلوم المحكوم و تأله الحاكم، و تلوم الضعيف و تساند القوي. يعني إيه بتقول "هي إيه اللي وداها هناك؟" ما تروح مطرح ما تروح هي حرة. هو المفروض إن تقليع الهدوم و الضرب بافترا ده هو الطبيعي و المفروض إن الإنسان يتحاشاه؟ زي كده ما نكون عارفين إن فيه دوامات في حتة معينة في البحر و المفروض نتحاشاها؟ إنت معرص و لا حمار و لا الاتنين؟ من حق المواطن إنه يمشي في أي مكان في بلده و هو آمن، و من حق الدولة (إن كان فيه دولة) انها تؤمن له معيشته، و العكس ده وضع مقلوب و غلط و خرة. مش المفروض إن الدولة تضرب المواطن و تعريه في الشارع و المواطن عليه إنه يتجنب شر الدولة و أذاها.
هتقول لي دي ظروف خاصة و كان فيه مظاهرات و شغب و كده. طيب و الناس اللي ماتوا في موقعة الجمل، مش برضه كانوا في مظاهرات؟ طيب هما إيه اللي وداهم هناك؟ بنفس المنطق بقى يبقى الناس دول يستاهلوا اللي يجرى لهم. و الناس اللي مدرعات الجيش داست عليهم في ماسبيرو إيه اللي وداهم هناك؟ و الناس اللي ماتوا في شارع محمد محمود و عند وزارة الداخلية إيه اللي وداهم هناك؟ و اللي إتفقعت عينيهم في ميدان التحرير إيه اللي وداهم هناك؟ و اللي اتعمل لهم كشف عذرية إيه اللي وداهم هناك؟ و اللي محبوسين في السجون العسكرية بمحاكمات عسكرية إيه اللي وداهم هناك؟
طيب يعني لو إنت شايل مبلغ كده في البيت يطلع عشرتلاف جنيه و دخل عليك حرامي سرق العشرتلاف جنيه و فشخ تلاتة ميتين أمك ضرب و إغتصب مراتك أو بنتك أو أختك، ما أنا ممكن برضه أقول لك "و إنت إيه اللي خلاك تشيل الفلوس دي في البيت بس؟ ما هو لو ما كنتش شلتها في البيت ما كانش الحرامي جالك. و إيه اللي خلاك تبيت مراتك أو بنتك أو أختك في البيت؟ ما هو لو ما كانتش بايتة في البيت ما كانش اغتصبها." فهمت يا معرص و لا لسه ما فهمتش. إسفوخص عليك و على أشكالك يا عرة الرجالة. يا معرص...! و ده يدخل بينا على النقطة اللي بعدها و هي إستخدام العنف مع الخارجين عن القانون.
يعني نسيبهم يضربوا في العساكر و ناخدهم بالحضن؟
صحيح...! كيف نتعامل مع من يعتدون على أفراد الشرطة و جنود القوات المسلحة؟ و هل من الطبيعي أن مثل هؤلاء لا يتم التعامل معهم بالعنف رداً على عنفهم؟ هل من المطلوب من رجل الشرطة أو جندي القوات المسلحة أن يستسلم للاعتداء من قبل بعض البلطجية و لا يدافع عن نفسه؟ و هل المطلوب من رجل الشرطة أو جندي القوات المسلحة أن يسمع سبابه بأذنه و يسكت و يكظم غيظه؟ و إلى متى يستطيع أن يكظم غيظه؟ أليسوا هم ببشر أيضاً؟
يا معرص... تعالى كده أفكرك بالموضوع ابتدى ازاي. الناس خرجوا في الأول بشكل سلمي في مظاهرات، و النتيجة إن الشرطة ضربتهم بالخرطوش و داست عليهم بالمدرعات و خنقتهم بالغاز المسيل للدموع. رد الفعل على ده إن الناس تنفعل و العنف يبدأ يظهر. و بالرغم من كده العنف ما ظهرش غير متأخر لما ناس كتير ماتوا و إتصابوا و بقى عندهم عاهات مستديمة. مطلوب إيه يعني من اللي أخوه مات أو صاحبه مات أو إتفقع له عين أو إتشل أو أي شيء من هذا القبيل؟ مطلوب منه هو التاني يصبر و يحتسب و يكظم غيظه؟ طيب هو ده مش بني آدم برضه زي الجندي اللي إنت بتقول عليه؟ اشمعنى مستكتر على الجندي اللي هو فرد في مؤسسة عسكرية إنه يقدر يتحكم في تصرفاته و يكظم غيظه و مش مستكترها على اللي أخوه مات؟ اشمعنى بتقول الجندي ما يقدرش يسمع شتيمته و يسكت و مستكترها على اللي أخوه مات بين ايديه بدون ذنب و عاوزه يسكت؟
ثم إن الجندي في أي مؤسسة عسكرية لا يمكن يتصرف إلا بإذن من قائده، و القائد لا يمكن يتصرف إلا بإذن من قائده و هلما جرا. يعني الأوامر لو مش جاية من فوق ما يقدرش الجندي أو الظابط الصغير يضرب نار في المليان و لا يجري بالمدرعة و يدوس الناس يفعصهم و يساويهم بالأرض. بذمتك يا معرص... و لا ما تآخذنيش افتكرت عندك ذمة... بذمتي أنا، فيه مجند يقدر يضرب نار بدون إذن؟ ده كان يتفشخ على الفشاخ الالكترونية النووية و يتعمل عبرة لمن يعتبر.
طيب إيه درجة العنف المقبولة في مواجهة أحداث زي دي؟ عاوز الحق و لا إبن عمه؟ أقول لك الحق و لو اني عارفك عاوز إبن عمه علشان إنت معرص. الحق إن ما فيش أي درجة من درجات العنف مقبولة من القوات النظامية. القوات دي بتتعامل مع أولاد بلدها مش مع أعداء من بلد تانية. ما ينفعش تضربهم بالرصاص الحي و الخرطوش و تخنقهم بالغاز بالطريقة دي. الناس في البلاد اللي بتحترم مواطنيها بيضربوا غاز مسيل للدموع صحيح، لكن بيستخدموا قنبلة و لا اتنين، مش عشرات القنابل كلها مركزة في مكان واحد لدرجة إن طفل ساكن في أحد العمارات اللي جنب التحرير يموت مختنقاً أثناء أحداث محمد محمود. الناس برضه في البلاد اللي بتحترم مواطنيها بتستخدم الرصاص المطاطي و بتضربه في الرجلين أو في الصدر أو الضهر (و أحياناً البطن لو مضطرين) علشان ما يعملش اصابات تسبب عاهات مستديمة و ما يموتش. ما بيضربوش حد في عينه. ما بيلجأوش للرصاص الحي غير لو الشرطي حس إن حياته مهددة بالخطر بشكل مباشر و فوري. و لو استخدموا العصيان بتكون عصيان صغيرة (مش الشوم اللي بيمسكه الأمن المركزي و لا الخراطيم اللي كانوا عساكر الجيش ماسكينها) و الضرب برضه بيكون بالمعقول، مش ضرب موت زي اللي احنا شفناه. ما فيش عشر عساكر يتلموا على واحد أو واحدة واقعين في الأرض و ينزلوا ضرب فيهم و هما مش شايفين حتى بيضربوا فين. و حتى في الحالات دي المفروض انهم يحاولوا يتجنبوا الإصابات القاتلة إن أمكن. و في كل الأحوال لو فيه مواطن مات لازم يتعمل تحقيق علشان يعرفوا المواطن اللي مات ده كان لازم يموت علشان الحفاظ على حياة الشرطي و لا موته ده كان خطأ من الشرطي أو تهور منه.
يعني لو فيه شوية ناس بيهتفوا و بيحدفوا طوب على عساكر الشرطة أو الأمن المركزي أو الجيش اللي معاهم خوذ و دروع، و الخوذة بتاعتهم بتحمي وشهم برضه مش دماغهم بس، يبقى إيه الداعي لضرب النار و الخرطوش؟ عارف بيعملوا إيه في الحالات اللي زي دي؟ بيقسموا مثيري الشغب (ده لو إعتبرت المظاهرات شغب) لمجموعات صغيرة يسهل القبض عليها و يقبضوا عليهم. و مش كل اللي بيتقبض عليه بيتحبس كمان. اللي عمل حاجة غلط بيحبسوه، و اللي ما عملش بيشيلوه هيلا بيلا و يعبوه في عربيات و يبعدوه عن مكان الشغب علشان يقللوا العدد و يسهل التحكم فيه.
الخلاصة يعني إن مش المفروض حد يموت في المظاهرات نتيجة إطلاق رصاص حي و لا نتيجة ضرب أفضى إلى موت و لا حد تتفقع له عين و لا حد تدوس عليه مدرعة. فهمت يا معرص و لا ما فهمتش علشان إنت معرص؟ لو ما فهمتش ما تزعلش... ما إنت معرص و ما فيش لوم عليك.